تجلس مع بعض الناس وعمره عشرون سنة...فترى له أسلوبا ومنطقا وفكرا معينا...
ثم تجلس معه وعمره ثلاثون[color:2ee9="#FF0000"]...فإذا قدراته هي هيَّ...لم يتطور فيه شيء..
بينما تجلس مع آخرين فتجدهم يستفيدون من حياتهم...تجده كل يوم متطورا عن اليوم الذي قبله...
بل ما تمر ساعة إلا ارتفع بها دينًا أو دنيا..إذا أردت أن تعرف أنواع الناس في ذلك...
فتعال نتأمل في احوالهم واهتماماتهم...
القنوات الفضائية مثلا....من الناس من يتابع ما ينمي فكره المعرفي...ويطور ذكاءه...ويستفيد من خبرات الأخرين من خلال متابعة الحوارات الهادفة...يكتسب منها مهارات رائعة في النقاش...واللغة..والفهم..وسرعة البديهة...والقدرة على المناظرة..وأساليب الاقناع..
ومن الناس من لا يكاد يفوته...مسلسل يحكي قصة حب فاشلة...أو مسرحية عاطفية..أو فيلم خيالي مرعب..أو أفلام لقصص افتراضية تافهة...لا حقيقة لها..
تعال بالله عليك..وانظر إلى حال الأول وحال الثاني بعد خمس سنوات..أو عشر..أيهما سيكون أكثر تطورًا في مهاراته؟
في القدرة على الاستيعاب؟
في سعة الثقافة؟
في القدرة على الاقناع؟
في أسلوب التعامل مع الأحداث؟
لا شك أنه الأول..
بل تجد أسلوب الول مختلفا...فاستشهاداته بنصوص شرعية..أوأرقام وحقائق..
أما الثاني فاستشهاداته بأقوال الممثلين..والمغنين..
حتى قال أحدهم يوما في معرض كلامه...والله يقول: اسع يا عبدي وأنا أسعى معاك!!
فنبهناه إلى أن هذه ليست آية..فتغير وجهه وسكت..ثم تأملت العبارة..فإذا الذي ذكره هو مثل مصري انطبع في ذهنه من إحدى المسلسلات!!
نعم ..كل إناء بما فيه ينضح..بل تعال إلى جانب آخر..في قراءة الصحف والمجلات..كم هم أولئك الذين يهتمون بقراءة الأخبار والمعلومات النافعة التي تساعد على تطوير الذات..وتنمية المهارات..وزيادة المعارف..
بينما كم الذين لا يكادون يلتفتون إلى غير الصفحات الرياضية والفنية؟!
حتى صارت الجرائد تتنافس في تكثير الصفحات الرياضية والفنية..على حساب غيرها..
قل مثل ذلك في مجالسنا التي نجلسها..وأوقاتنا التي نصرفها..
فأنت إذا أردت أن تكون رأسا لا ذيلا...احرص على تتبع المهارات أينما كانت..درب نفسك عليها..كان عبد الله رجلا متحمسا...لكنه تنقصه بعض المهارات..
خرج يوما من بيته إلى المسجد ليصلي الظهر...
يسوقه الحرص على الصلاة ويدفعه تعظيمه للدين...كان يحث خطاه خوفا من أن تقام الصلاة قبل وصوله إلى المسجد..
مر أثناء الطريق بنخلة في أعلاها رجل بلباس مهنته بإصلاح التمر..عجب عبد الله من هذا الرجل الذي ما اهتم بالصلاة..وكأنه ما سمع اذانًا ولا ينتظر إقامة..!!
فصاح به غاضبا...انزل للصلاة..
فقال الرجل بكل برود: طيب..طيب..
فقال عبد الله: عجل...صل يا حمار!!
فصرخ الرجل: أنا حمار!! ثم انتزع عسيبًا من النخلة ونزل لفلق به رأسه!!
غطى عبد الله وجهه بطرف غترته لئلا يعرفه...وانطلق يعدوا إلى المسجد...نزل الرجل من النخلة غاضبا...ومضى إلى بيته وصلى وارتاح قليلا...ثم خرج إلى نختله ليكمل عمله..
دخل وقت العصر وخرج عبد الله إلى المسجد...مر بالنخلة فإذا الرجل فوقها
...فغيَّر أسلوب تعامله...
قال: السلام عليكم..كيف الحال..
قال الرجل: الحمد لله بخير..
قال عبد الله: بشر!! كيف الثمر هذه السنة..
قال: الحمد لله...
قال عبد الله: الله يوفقك ويرزقك..ويوسع عليك..ولا يحرمك أجر عملك..وكدك لأولادك..
ابتهج الرجل بهذا الدعاء..فأمن على الدعاء وشكر...
فقال عبد الله: لكن يبدو أنك لشدة انشغالك لم تنتبه إلى أذان العصر!!
قد أذن العصر...والإقامة قريبة...فلعلك تنزل لترتاح وتدرك الصلاة...وبعد الصلاة أكمل عملك...الله يحفظ عليك صحتك..
فقال الرجل: إن شاء الله...إن شاء الله..
وبدأ ينزل برفق...
ثم أقبل على عبد الله وصافحه بحرارة..
وقال: أشكرك على هذه الأخلاق الرائعة...أما الذي مر بي الظهر فيا ليتني أراه لأعمله من الحمار!!
:rose3: نتيجة: :rose3: مهاراتك في التعامل مع الآخرين...
على أساسها تتحدد طريقة تعامل الناس معك...مقتطفة صغيرة من كتاب"استمتع بحياتك" لفضيلة الشيخ محمد العريفي-حفظه الله-